556
556
روضة الصائم

سليمان المنذري يستذكر ليلة العقبة وأنشودة "أذن أذن يا صائم"

23 أبريل 2021
23 أبريل 2021

منح ـ هلال السليماني -

ثمان وثمانون سنة والذاكرة مازالت تفيض بالأحداث، وذكريات الأمس التي عاشها الوالد سليمان بن سيف بن صالح المنذري، إنها ذاكرة العمر، المشاهد تترآى كأنها الأمس أمام عينيه، وما بقي من العمر قد لا يكفي لسرد حكايات عمرها بعمر الأجيال. يقول الوالد سليمان المنذري: عشنا سنوات من عمرنا ونحن في حقول القمح بين التصييف "حصاد القمح" ليلا والدوس "استخراج حبوب القمح" نهارا في المزارع بامتداد البصر في منطقة العويجاء. يأتي رمضان في أوقات اشتداد الصيف وقيض الحر، نلجأ إلى الأفلاج قرب الظهيرة فتنزع عنها حرقة الشمس، نغطس بثيابنا في السواقي، ثم نعود إلى البيت مبللين لنقضي باقي النهار وقد انطفأت الحرارة قليلا. ويعيد المنذري استذكار التفاصيل: بدأت الصوم وأنا ابن الرابعة عشر من عمري، كنا نتشوق للحظات الإفطار عندما كنا صغارا ولم نبدأ الصيام بعد، نأخذ من أطباق الإفطار المتوفرة آنذاك وحسبنا تمر ولبن ننزوي بعيدا قرب المساجد وبين زوايا الحارة مع أقراننا كل قد أحضر زاده وعند سماع الأذان نطلق حناجرنا بأنشودة "أذن أذن يا صايم أفطر أفطر سحة ولبن يا صايم أفطر أفطر".. هكذا كانت أصواتنا تملأ المكان ونحن نحتفل بالأكل والإفطار أما الآباء فأظن أنهم اخترعوا هذه العادة لإبعادنا قليلا عنهم حتى يتسنى لهم الإفطار والدعاء في سكينة وهدوء. هكذا يأتي رمضان ببهجته في دخوله وخروجه، نتسمر قرب برج الجص عند باب الرولة مدخل حارة البلاد الشمالي. يصعد من يعرف عنه حدة النظر ليرقب الأفق الغربي عله يلمح هلال رمضان حتى إذا ثبت بالرؤية الشرعية وبحلف الشاهد أمام الوالي يطلق المدفع وتتبعه البنادق الصغيرة إيذانا ببدء شهر الصوم. وأحيانا كثيرة كان يأتينا خبر الهلال من نزوى في نهار اليوم التالي فنمسك وهكذا حال هلال العيد. يحكي الوالد سليمان المنذري تفاصيل أخرى عن رمضان وكيف أن هناك وقفا مخصصا للأطفال الصائمين وهي عابية تسمى "مال السائل" مازالت باقية في منطقة باب الحيل. وكان يقوم عليها شخص يسمى محمد بن سالم السواحلي يخصص ريعه للأطفال الصائمين تشجيعا لهم بشراء حلوى أو توزع نقدا لهم في المسجد العالي عند مدخل الحارة في منتصف شهر رمضان فيما يسمى "ليلة العقبة" أي تخطيهم عقبة صيام النصف الأول من رمضان. يواصل المنذري حكاية السنين ويذكر أول أيام العيد وكيف يتجمع أهالي منح عند الحصن قادمين من قرى الولاية ثم يتحركون مع الوالي بالفنون الشعبية إلى "المخرج" وهو ميدان مصلى العيد فيما يسمى "بباب الجزير" في وسط الولاية لتأدية صلاة العيد ومتابعة ركضة العرضة ثم العودة إلى سوق الولاية بفنونهم الشعبية "الرزحة".